يقول مولانا الإمام الرضا صلوات الله عليه: سمعت أبي موسى بن جعفر يقول سمعت أبي جعفر بن محمد يقول سمعت أبي محمد بن على يقول سمعت أبي على بن الحسين يقول سمعت أبي الحسين بن على يقول سمعت أبي أمير المؤمنين على بن أبي طالب عليه السلام يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله
لما أرسل المأمون خلف الإمام الرضا عليه السلام وأمره ان يرتحل من المدينة إلى خراسان، مر الإمام الرضا عليه السلام أثناء سيره بمدينة نيشابور فبقى فيها شيئا يسيرا ولما أراد ان يرتحل منها إلى خراسان اجتمع إليه أصحاب الحديث والعلماء فقالوا له: يا ابن رسول الله ترحل عنا ولا تحدثنا بحديث فنستفيده منك؟
وكان الإمام في هودج له على ناقة فأخرج رأسه من الهودج وقال:
(سمعت أبي موسى بن جعفر يقول: سمعت أبي جعفر بن محمد يقول: سمعت أبي محمد بن علي يقول: سمعت أبي علي بن الحسين يقول: سمعت أبي الحسين بن علي يقول: سمعت أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: سمعت جبرائيل يقول: سمعت الله عزوجل يقول: (لا إله إلا الله حصني فمن دخل حصني أمن عذابي) ثم أرتحل خطوات فأخرج رأسه مرة ثانية وقال: (بشرطها وشروطها وانا من شروطها).
عن جابر، قال: دخلت على أبي جعفر الباقر (عليه السلام) فقال لي: يا جابر، أيكتفي من ينتحل التشيع أن يقول بحبنا أهل البيت!
فوالله ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه، وما كانوا يعرفون – يا جابر – إلا بالتواضع والتخشع والأمانة وكثرة ذكر الله والصلاةوالصوم، وبر الوالدين، وتعاهد الجيران والفقراء والمساكين والغارمين والأيتام، وصدق الحديث، وتلاوة القرآن، وكف الألسن عن الناس إلا من خير، وكانوا أمناء عشائرهم في الأشياء.
قال جابر: فقلت: يا بن رسول الله، ما نعرف اليوم أحدا بهذه الصفة. فقال: يا جابر، لا تذهبن بك المذاهب، حسب الرجل أن يقول أحب عليا وأتولاه، ثم لا يكون مع ذلك فعالا، فلو قال: إني أحب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ورسول الله خير من علي، ثم لا يتبع سيرته، ولا يعمل بسنته، ما نفعه حبه إياه شيئا، فاتقوا الله واعملوا لما عند الله، ليس بين الله وبين أحد قرابة، أحب العباد إلى الله وأكرمهم عليه أتقاهم له، والله ما يتقرب إلى الله إلا بالعمل، وما معنا براءة من النار، وما لنا على الله (لاحد) من حجة، من كان (لله) مطيعا فهو لنا ولي، ومن كان (لله) عاصيا فهو لنا عدو، والله لا تنال ولايتنا إلا بالعمل.
في تفسير الصراط المستقيم للبروجردي 3/128 قال :
قال الرضا عليه آلاف التحية والثناء : (( إن اللَّه سبحانه وتعالى يقول : لا إله إلا اللَّه حصني فمن دخل حصني وجبت له الجنة، ثم قال عليه السّلام : بشرطها وشروطها وأنا من شروطها )).
وإنما لم يكتف عليه السّلام بذكر الشروط من الشرط مع وضوح شمول الجمع للمفرد، للإشارة إلى ترتب المراتب، وصيانة للأدب مع جده رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم فإن الشرط إشارة إلى التصديق بنبوة النبي صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم، والشرائط إشارة إلى الإيمان بأوصيائه وكافة شريعته ولذا عدّ نفسه الشريفة من جملة الشروط لا الشرط .
(قد علم الله كراهتي لذلك، فما خيرت بين قبول ذلك وبين القتل أخترت القبول على القتل ويحهم أما علموا أن يوسف عليه السلام كان نبيا ورسولا فلما دفعته الضرورة إلى تولي خزائن العزيز قال له: (اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) ودفعتني الضرورة إلى قبول ذلك على إكراه وإجبار بعد الإشراف على الهلاك، على أن ما دخلت في هذا الأمر إلا دخول الخارج منه، فإلى الله المشتكى وهو المستعان)