إباء الإمام الحسين (ع)
شعار الإباء في سياقه الصحيح
ثورة كربلاء زخرت بالكثير من الشعارات التي يمكن اسقاطها على واقع حياتنا المعاصرة، اسقاطا يعطي النور والهداية للإنسان ويبرهن على حياة الثورة الحسينية حياة لظة بطراوة وحرارة.
وهذا سرّ من أسرار خلود ثورة الإمام (ع)، فالشعارات الحسينية عندما نقرؤها قراءة تطبيقية عملية نتلمس الحراك الذي تحياه هذه الشعارات لنحيا بها نحن بمقدار التفاعل والتطبيق الذي نمارسه لتلك الشعارات الحسينية.
ومن أبرز الشعارات التي أطلقها الإمام الحسين (ع) وقام بتطبيقها تطبيقا دقيقا لم يحد عنه حتى مقتله وشهادته، هو شعار “إباء الضيم”، حتى عرف الإمام (ع) بأبي الضيم، فرفض الظلم هو مبدأ من المبادئ الأساسية التي تحرك من أجلها الإمام الحسين (ع)، حتى ضرب بثورة الإمام (ع) المثل في رفض الظلم، ومتى ما جاء عاشوراء جاء موسم اعلان رفض الظلم بكل أنواعه وأصنافه، ولا نحتاج في رفض الظلم لأكثر من رفع شعارات الإمام الحسين (ع)، فلا داعي للبحث عن شعارات هنا أو هناك، فيكفي أن نقول مقالة الحسين (ع) : “هيهات منّا الذلة” لتدوي في وجه الظالمين سيوفا وبنادق يخشى منها الظالمون دوما.
يقول الإمام (ع): (ألا وان الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة، وهيهات منا الذلة، يأبى الله ذلك ورسوله والمؤمنون، وحجور طابت وطهرت، وأنوف حمية، ونفوس أبية من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام)
وهنا تلاحظ عزيزي القارئ قوة الشعار التي امتاز بها، فمواجهة الظالم تحتاج إلى قوة وشجاعة تبتعد عن المداراة والمجاملة، فتعبير الإمام عن الظالم كان قاسيا جدا حيث عبّر ” بالدعي، وباللئام” وهو تعبير قرأته من الأمام أو من الخلف ظهرا أو عقبا فهو تعبير ممتلؤ بالقسوة والقوة.
وتعبير الإمام في رفض الظلم عندما قال:” هيهات منا الذلة” تعبير لا يعطي الرجعة أو امكانية المساومة ولذلك تجد أن أصحاب الإمام قد عاشوا هذا الشعار قناعة وتطبيقا، فلما جاء شمر حتى وقف على أصحاب الحسين عليه السلام فقال: أين بنو أختنا؟ ويقصد العباس وأخوته، فخرج إليه العباس وجعفر وعثمان بنو علي بن أبي طالب عليه وعليهم السلام فقالوا: ما تريد؟ فقال: أنتم يا بني أختي آمنو ، فقالت له الفتية: لعنك الله ولعن أمانك، أتؤمننا وابن رسول الله لا أمان له؟!
وإن القوة في شعار الإمام (ع) أنّه صمد وبقي عندما اختبر؟!، فلا يكفي ان نطلق الشعار ليتبعثر جماله فيداعب الأسماع والأذهان فنعيش جماله، بل لابد أن نقف مع الشعار بتجسيده واقعا وعملا، وهنا تكمن المشكلة عند الكثير من الثوار فإنّ شعارته جميلة ولكن عندما تحتك التجربة ويختبر الحال تجد المساومة والتنازل هو سمتهم، ولكن الإمام لم يكن من ذلك الصنف أبدا، فهو بين الأسنة والسيوف وطعنات الرماح كان يترنم ويقول: (والله لا أعطيكم بيدي اعطاء الذليل ، ولا أفر فرار العبيد إني عذت بربي وربكم أن ترجمون). وبقي كذلك حتى قتل واستشهد سلام الله عليه.
بقيت نقطة يجب أن نفهمها فهما صحيح وهي كيف يجب أن نحرك شعارات الإمام الحسين (ع)